إلهام أحمد، الرئيسة السابقة للهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية: “عندما تهاجم تركيا بهذه الطريقة، فإنها تخاطر بعودة كل شيء إلى نقطة الصفر وإعلان داعش الخلافة”

, ,

 

خلال عيد الميلاد، نفذت تركيا سلسلة مدمرة من الغارات الجوية على شمال وشرق سوريا، واستهدفت مرافق الخدمات المدنية والبنية التحتية بما في ذلك مستودعات لتخزين الحبوب، ومطبعة، ومواقع صناعية لصنع مواد البناء، ومحطة بنزين، ومنشآت النفط والكهرباء، ومركز طبي، ومركز للأكسجين في عيادة غسيل الكلى، ومصانع مختلفة لتعبئة العدس وزيت الزيتون والبرغل، وقاعة أفراح، فضلاً عن ضربات منسقة على نقاط تفتيش الأسايش (قوات الأمن الداخلي) في مدن قامشلو وعامودا وكوباني. ويبلغ عدد الضحايا 10 قتلى و31 جريحًا، وكان أسوأ حدث للضحايا هو الغارة التركية على مطبعة قامشلو، والتي أسفرت عن مقتل خمسة مدنيين في يوم عيد الميلاد. حاء هذا بعد ثلاثة أشهر من هجوم جوي تركي مماثل استمر خمسة أيام في تشرين الأول/أكتوبر دمر بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في شمال شرق سوريا في مقاطعة الجزيرة الواقعة في أقصى شمال شرق سوريا، مما ترك الملايين بدون كهرباء وماء.

بدأت تركيا هذه الحملة الجوية الأخيرة في أعقاب هجوم على مواقع القوات المسلحة التركية (TAF) من قبل حزب العمال الكردستاني (PKK) في جبال إقليم كردستان العراق (KRI)، مما أسفر عن مقتل 12 جنديًا تركيًا على الأقل. ويشارك حزب العمال الكردستاني – الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية – والقوات المسلحة التركية في صراع مسلح في إقليم كردستان العراق منذ عقود. وتزعم الحكومة التركية أن شمال شرق سوريا تؤوي قواعد لحزب العمال الكردستاني، والتي تنطلق منها الهجمات ضد تركيا. وقد نفى القادة العسكريون والسياسيون في شمال شرق سوريا مراراً وتكراراً هذا الاتهام، قائلين إن تركيا تستخدمه كذريعة لمهاجمة شمال شرق سوريا.

 

تحدث مركز معلومات روجافا (RIC) مع الرئيسة السابقة للهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية (SDC) ” الهام أحمد” بشأن الضربات الجوية التركية الأخيرة.

 

1- لماذا هاجمت تركيا في هذا الوقت؟
هجمات الدولة التركية ليست بجديدة. هذه ليست المرة الأولى تهاجم فيها تركيا منطقة شمال شرق سوريا بلا هوادة منذ فترة طويلة. والآن، في وقت عيد الميلاد، وبينما يركز العالم كله على الحرب إسرائيل وغزة، وبينما تتم مناقشة انضمام السويد إلى الناتو، تشن تركيا هجماتها. وتمارس تركيا ضغوطا للحصول على طائرات إف-16. وتحاول تركيا أيضًا إرضاء الرأي العام التركي برد انتقامي على مقتل هذا العدد الكبير من الجنود، حيث كان هناك استياء في المجتمع التركي من مقتل هذا العدد الكبير من الجنود الأتراك على يد المتمردين الأكراد لأن تركيا أقنعت شعبها بأن ما أسمته – بـ قضية الإرهاب قد انتهت. لكن هذه العملية [لحزب العمال الكردستاني] كشفت كل الأكاذيب. ولذلك، فإن هذه الهجمات على البنية التحتية لـ شمال وشرق سوريا تهدف إلى إسكات المجتمع التركي. ويبدو أيضاً أن هذا هو ثمن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.

 

2- كيف ترين الموقف الأمريكي؟

صمت أمريكا عن الهجمات التركية يدل على أن تركيا ترى نفسها فوق أمريكا وأن التعامل المراوغ بينهما يجري. والتاريخ يعيد نفسه في كل مرة، يريدون أن يجعلوا الأكراد “كبش فداء”. أمريكا تجري حسابات سيئة هنا. وفي كل مرة، وباسم توسيع الناتو، يتخلون عن شريكهم الرئيسي والوحيد هنا، أو على الأقل يسمحون بحدوث الهجمات التركية. وفي المستقبل فإن نتائج هذا الضعف الأمريكي سوف تؤثر عليهم في نهاية المطاف وبشكل أكبر.

 

3- تريد أمريكا أن تنضم السويد إلى حلف شمال الأطلسي، وتركيا تؤخر انضمام السويد. برأيك هل هذا مرتبط بالهجمات التركية الحالية؟

نعم، إنه مرتبط. تركيا تعرف دائمًا كيفية استغلال نقاط ضعفها [الأمريكية]، فـ بالنسبة لقضية السويد، وضعت تركيا موضوع مبيعات طائرات F-16 أمام الأمريكيين مباشرةً. تركيا تبني أجندتها وتدفعها إلى أيدي أمريكا. وللأسف، فإن الأمور تسير على هذا النحو في كل مرة، إنهم يحققون مصالحهم على حساب الأكراد، لكن هذه المرة ليس الأكراد وحدهم، بل هم إلى جانب جميع المكونات الأخرى في سوريا. خطأ صغير يمكن أن يصبح السبب الذي يجعل أمريكا تقف وحدها ضد داعش والعصابات الأخرى.

 

4- وماذا تقولين بخصوص دور روسيا؟

تلعب روسيا دورًا رئيسيًا في سوريا، ولها تأثير كبير على شمال وشرق سوريا، على وجه الخصوص، مع وجود قواتها على طول الحدود الشمالية مع تركيا. عندما تهاجم تركيا، تتعرض سلامة القوات الروسية أيضًا للتهديد، وعليهم أن يوضحوا مواقفهم، لا يمكنهم دفع مسؤولياتهم إلى جانب واحد. إنهم مسؤولون. ومن الممكن أن يتمكنوا من وقف هذه الهجمات؛ لديهم القوة.

 

5- الآن نرى أن الحياة من اجل الشعب أصبحت صعبة. هذا هو هدف تركيا. كيف يؤثر هذا على الوضع السياسي هنا؟ كيف يؤثر هذا على دعم الشعوب للإدارة الذاتية؟

ليس فقط الأكراد يعيشون في هذه المنطقة ولا حتى قوة عسكرية واحدة،بل يعيش هنا مجتمع متنوع، وعندما تحدث الهجمات التركية، فإنها تؤثر على حياة الملايين من الناس من نواحي التعليمية والنفسية والاقتصادية.أعني أن الملايين من الناس يكرهون تركيا، لأن تركيا تدمر حياتهم. تركيا تفكر بأن الشعب خائف، يوجههم للهجرة، لكنه ليس كذلك. في الوقت الذي يكون فيه العالم في حروب وأزمات، يكون البقاء على الأرض هي الوقفة الأكثر كرامة، وحماية تلك الوقفة شامخاً واجب أخلاقي، ومن أجل هذا حسابات تركيا عديمة الجدوى في هذا الموضوع.

 

6- كيف تؤثر تلك الهجمات على نضال قسد ضد داعش؟

خطأ كبير أن نفكر بأن داعش انتهى، هذا غير صحيح، كل يوم هناك عمليات ضد داعش مع قوات التحالف، وهجمات تركيا تضعف هذه العمليات، خاصةً في مناطق التي تتواجد فيها المخيمات و سجون داعش. هذا الموضوع مهم و خطر جداً. في كل وقت هناك محاولات للهرب و تحريرهم. وهجمات تركيا تسهل لهم هذا العمل، لأن قسد مجبورة أن تنشغل بالهجمات التركية.
قدمنا الآلاف من الشهداء و عشرات الآلاف من المنازل دمرت في الحرب، فعندما تقوم بالهجمات بهذه الطريقة فإن كل شيء سيعود لنقطة الصفر، و داعش سيعلن خلافته.

 

7- الوضع في دير الزور الآن أيضاً في تضييق. والضغوطات على قسد كثيرة. والخلايا الإيرانية هناك نشطة كثيراً. في نفس الوقت التي تتجه فيه أنظار العالم على غزة. لكن غالباً الناس ترى حرب غزة بشكل ضيق، فهم لا يرون بأن حرب غزة وإسرائيل تؤثر على المنطقة هنا. تأثير حرب غزة واسع جداً. كيف ترين هذا؟

حرب غزة تؤثر على كل سوريا، حيث أنه في العديد من المرات حصلت رد هجمات من قبل الطرفين على الساحة السورية، ودير الزور أيضاً كانت واحدة من تلك الساحات. جبهة مشتعلة. ونرى بأنه ليس من المناسب أن تصبح سوريا وإقليم شمال وشرق سوريا ساحة لتصفية الحسابات، لأن الوضع في سوريا سيئ من قبل، وبهذا الشكل سيسوء الوضع أكثر، نتمنى أن يتغير الوضع للأفضل.