أنقرة تميّزت بدعم داعش ولم تحاربه

نقلاً عن: صحيفة روناهي
خرج الرئيس التركيّ على العالم بكذبة مكشوفة، بادعائه أنّ تركيا هي الطرفُ الوحيدُ الذي حارب مرتزقة “داعش”، معارضاً بذلك المئات من التقارير والمواقف السياسيّة التي أدانت دعمَ أنقرة واحتضانها لهم، لا بل إنّها لم تعتبر فعليّاً أنّ “داعش” يمثّلُ تهديداً إرهابيّاً بالنسبة لها، ولم تتحدث عن أمنها القوميّ عندما كان “داعش” يسيطرُ على مناطقَ حدوديّةٍ، إلا في التصريحاتِ والإعلامِ، وهي مستعدةٌ لتقديمِ الدعمِ بلا حدودٍ لأيّ طرفٍ يقاتلُ الكردَ.
استخدام داعش لغاية انتخابيّة
عندما يتحدث مسؤولو أنقرة عن الإرهابِ فهم يقصدون الكردَ وحدهم. وقد استخدمت إرهاب “داعش” لتزوير بيئة الانتخابات، لتفضيَ إلى النتائج التي تريدها. فعندما أسفرتِ الانتخاباتُ النيابيّةُ التركيّة في 7/6/2015 عن نجاحٍ غير متوقعٍ لحزبِ الشعوبِ الديمقراطيّ، وتراجع العدالة والتنمية إلى 41%، ولم يكن بمقدور العدالة والتنمية تشكيل حكومة لوحده، فعطل تشكيل حكومة ائتلافيّة مع حزب آخر، ولذلك كان لا بد من جولة انتخابات ثانية في 1/11/2015، وحتى ذلك الموعد وقعت في تركيا ست عمليات تفجير، كان إحداها في مدينة سروج في 20/7/2015، وأودت بحياة 32 شخصاً من النشطاء المدنيين، كما تم استهدف تفجيرٌ تجمعاً لأنصار حزب الشعوب الديمقراطيّ في أنقرة في 10/10/2015، ما أودى بحياة 128 شخصاً، وتعرضت مكاتب حزب الشعوب الديمقراطيّ للاعتداء. وفي هذه البيئة جرت جولة إعادة الانتخابات. وأرادت الحكومة التركيّة إظهار نفسها ضحية للإرهاب، وأنّ البلاد في حالةِ حربٍ وتحتاج لقيادةٍ قويةٍ، وليس حكومة ائتلافيّة.
أنقرة دعمت داعش، ولم تحاربه
شكّل إعلانُ التحالفِ الدوليّ ضدِّ الإرهاب، المتمثل بمرتزقة “داعش” و”النصرة”، إحراجاً كبيراً لأنقرة. فوثيقةُ التحالفِ التي أعلنها مؤتمر جدة في 11/9/2014، لم توقِّع عليها تركيا، رغم حضور وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو الاجتماع.
وورد في العديد من اعترافات الأسرى من متزعمي داعش، أنّ أنقرة ضغطت عليهم للهجوم على كوباني، وكان الهدفُ قطعُ التواصلِ بين مناطق شمال سوريا.
في 24/8/2016 احتل جيش الاحتلال التركيّ مدينة جرابلس خلال ساعاتٍ قليلة، ولم تقع اشتباكات مع “داعش” رغم أهمية موقع المدينة، ونقل مرتزقة داعش البندقية من كتفٍ لأخرى بإمرةِ الجيش التركيّ، فيما كانتِ المسرحيّةُ مختلفةً نسبيّاً في مدينة الباب. وخلال معارك الطبقة والرقة وريف دير الزور فرَّ مرتزقة داعش إلى الحدود التركيّة أو البادية السوريّة، والمئات منهم اتجه عبر طرق التهريب إلى المناطق التي تحتلها تركيا. وخلال العدوان على كري سبي/ تل أبيض وسري كانيه في 9/10/2019 تعمّد الجيش التركيّ استهداف السجونِ لإنقاذِ المرتزقة السجناء.
نشر موقع Homeland Security Today انّ أموالاً ضخمةً أنفقت لإنشاء شبكة في تركيا تتولى تهريب العناصر الأجنبية والأسلحة والإمدادات عبر الحدود التركية -السورية، وفي مقابلة مع أبو منصور المغربيّ أحد قياديي “داعش”، في شباط 2019، ذكر أنّه شغل ما يمكن وصفه بمنصب “سفير داعش في تركيا”. وقال: كانت مهامي هي تنسيق علاقة (داعش) بالمخابرات التركية.” وأن اتفاقات مع الجانب التركيّ تضمنت معالجة الجرحى والمصابين، وقال أيضاً: “في الواقع كان للأتراك طموحات أكبر من مجرد السيطرة على الكرد. لقد أرادوا السيطرة على كلِّ الشمال السوريّ، بداية من كسب وصولاً إلى الموصل”. وأوضح أنّه في الاجتماعات مع الجانب التركي، كان يتم التطرق إلى “إعادة تأسيس الإمبراطورية العثمانيّة، وكانت هذه هي رؤية تركيا”. وذكر أنّه أوشك أن يلتقي بالرئيس التركيّ الذي أراد لقاءه بشكل منفدٍ.
في تموز 2021، قالتِ الباحثةُ بمجلسِ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة، إيميلي برزبوروفسكي”: في نهاية عام 2020، كشف مركز معلومات روج آفا عن هويات 40 من أعضاء “داعش” السابقين الذين تم إيواؤهم والتظاهر بأنّهم جزء من “الجيش السوري الحر” في سري كانيه وتل أبيض” وأشارت إلى أن الأمر الأكثر إدانة هو تلقي هؤلاء المسلحين أموالاً من تركيا، واستخدامهم بطاقات هوية تصدرها أنقرة، فضلًا عن تلقيهم أوامر مباشرة من جهاز الاستخبارات التركي.
تأمين معبر آمن لدخول سوريا

عدة آلاف من الأتراك التحقوا للقتال مع داعش في سوريا، فيما دخل الآلاف من المقاتلين الأجانب إلى سوريا عبر المعابر الحدوديّة، وتم تسهيل قدومهم ما بين مطار إسطنبول ومدينتي أورفا وعينتاب ومن بعدهما إلى الحدود من قبل المخابرات التركيّة، وقال المبعوث السابق للتحالف الدوليّ لقتال داعش بريت ماكغورك في عام 2019: إنَّ تركيا سمحت بعبور 40 ألف مقاتل من الجهاديين من 110 دول حول العالم جاؤوا إلى سوريا.
وقال كليتشدار أوغلو، إنَّ “حكومةَ العدالةِ والتنمية وكلَّ الأجهزةِ الأمنيّةِ والاستخباراتيّةِ وبتعليماتٍ من أردوغان كانت على علاقاتٍ وطيدة مع “داعش” الذي كان يحصل على كلِّ احتياجاته من تركيا، مشيراً إلى وجودِ المئاتِ من الخلايا النائمةِ بعلمِ أجهزةِ الأمنِ التركيّة التي لم تتدخل للقضاء عليها.
كشف تحقيقٌ استقصائيّ لموقع “نورديك مونيتور” السويديّ، في 5/11/2019 أنّ تركيا أفرجت عن المئات من الدواعش المحتجزين وسمحت لهم بالتجول في العالم أو العودة لبلدانهم الأصلية دون محاكمةٍ، وذلك بعدما حلّلَ الموقعُ الإحصائياتِ الرسميّة الصادرةَ عن السلطاتِ التركيّةِ حول أعدادِ المعتقلين من “داعش”، حيث انخفض العددُ من آلاف الدواعش إلى بضعةِ مئاتٍ قبل أن تبدأ تركيا بالفعلِ عمليةَ ترحيلهم.
تقرير مجموعة الأزمات الدوليّة Crisis Group حول تجنيد المواطنين الأتراك للانضمام لصفوف “داعش”، تتبعِ مسار عودتهم من العراقِ وسوريا لتركيا، واستند التقريرُ إلى مقابلاتٍ أجريت خلال ستة أشهر، ما بين نيسان وكانون الأول 2019 في إسطنبول والمحافظاتِ التركيّة الجنوبيّةِ والجنوبيّة الشرقية، وتحدثت مجموعةُ الأزماتِ مع العائدين، وأقاربهم وأصدقائهم. واعتبرت تركيا مصدراً للمجنّدين لـ”داعش” ومركزاً لتهريبِ الأسلحةِ والإمداداتِ والأشخاصِ عبر الحدودِ التركيّةِ السوريّةِ، وقدّرت عددَ المواطنين الأتراك الذين غادروا للعيشِ في الأراضي التي يسيطر عليها داعش بنحو (5ــ9 آلاف).
دعمٌ بالذخيرة والسلاح

في 26/12/2020 نشر موقع “نورديك مونيتور” Nordic Monitor السويدي، تقريراً تضمّن وثائقَ مسرّبة عن نشاط المخابراتِ التركيّة، من ملفات المحكمة الجنائية العليا الثالثة والعشرين بأنقرة، وشهادة رئيس مركز التقييم الاستخباراتيّ الرائد أحمد أوزجان، لمحكمة تركيّة، الذي قال: إنّ “الانفجارات التي اعتبرت حوادث في مستودعاتِ الأسلحةِ العسكريّةِ التركيّةِ، كانت متعمدةً لحل مشكلة الأسلحة المفقودة من مخازن القوات المسلحة التركية”. وكشف أوزجان أنَّ انفجاراً وقع في 5/9/2012، دمّر مستودع ذخيرة بمقاطعة أفيون قره حصار وقتل 25 جندياً، وأدّى انفجار ثانٍ بولاية أورفا في 13/11/2019، إلى إصابة 16 جندياً. فيما وقع الانفجار الثالث بمنطقةٍ عسكريّةٍ بمدينة جيرن الساحليّة القبرصيّة الخاضع للجيشِ التركيّ، في 12/9/2019. وأشار أوزجان حسب الوثائق إلى أنّ “الجنود الأتراك يعرفون جيّداً أنَّ الشاحناتِ المحمّلةَ من مستودعات الذخيرة للقوات المسلحة التركيّة ذهبت إلى “داعش”. وأظهر التقرير أنَّ تزويد نظام أردوغان، “داعش” بالأسلحة لم يكن سرّاً، ووثّق واقعةً في 9/9/2014 ذكرتها صحيفة “طرف” Tarf التركيّةِ اليوميّةِ، بأنّه تمَّ العثورُ على ذخيرةٍ تحملُ علامةَ التصنيعِ التركيّةِ الرسميّةِ “M.K.E”، على ذخيرة داعش، الأمر الذي أدّى إلى إغلاق الصحيفةِ واعتقال رئيس التحرير.
شراكة بتجارة النفط
